شارك هذا المنشور

سوف نستخدم في هذا المقال رسمًا توضيحيًّا لنافذة مُقسّمة إلى أجزاء كوسيلة توضيحيّة. حيث يُمثّل كلّ جزء منها شيئًا كان ينمو فيه يسوع –”الحكمة” و”الجسد”

و”الروح” و”الجانب الاجتماعيّ”

نظرًا لأنّ يسوع كان ينمو في الأربعة أبعاد هذه، فدعونا نُفكّر فيهم كأنّهم أربعة أبعاد من اهتمام الله بشفاء البشريّة ونموّها. الكنيسة هي النافذة التي يرى الأشخاص المُحطّمون مقاصد الله الصالحة في هذه الأبعاد من خلالها. فما الذي تفعله بعض الكنائس مع هذه النافذة؟

بعض الكنائس تنظُر إلى الجزء المكتوب عليه “الجسد” ويقولون: “نحن لا نُقدّم خدمات تتعلّق بالجسد! نحن نترُك هذا المجال للسلطات والمُنظّمات الخيريّة”. عندما يحدُث هذا، سوف يظلم هذا الجزء من النافذة. وعندها لن يُشاهد الأشخاص المُحطّمون في مُجتمعنا اهتمام الله باحتياجاتنا الإنسانيّة من خلال نافذة الكنيسة هذه

جزء آخر من النافذة يُمثّل اهتمام الله بشفاء جميع أنواع الكسور الاجتماعيّة. ربّما بعض الكنائس تقول: “هذه ليست وهمتها. نحن لن نتدخّل في الأعمال الاجتماعيّة!” سيظلم هذا الجُزء من النافذة، ولن يُلاحظ الأشخاص المُنكسرون اهتمام الله بشفائنا من الكسور الاجتماعيّة من خلال الكنيسة

جزء آخر من النافذة يُمثّل الحكمة. ربّما تقول الكنائس: “نحن بالفعل مُنشغلون بالحكمة -لكن هذا حصريّ للأشخاص الذين في الكنيسة. فيجب على النّاس أن يأتوا إلى الكنيسة قبل أن يتعلّموا حكمة الله”. عندما يحدُث هذا سوف يظلم هذا الجُزء من النافذة. فلن يرى الأشخاص الذين هُم من خارج الكنيسة اهتمام الله بنموّهم في الحكمة

الجزء الأخير من النافذة هو الجُزء الروحيّ. ربّما تقول الكنائس: “نعم! نحن مدعوّن لنُعلن الخبر الروحيّ السار!” عندما ينظُر الأشخاص المُحطّمون في المُجتمع من خلال نافذة “الكنيسة”، بعدها، ما هو الشيء الوحيد الذي سينظرونه، إذا كان الجُزء الخاص بالجسد والبُعد الاجتماعيّ والحكمة مُظلمين؟ سوف ينظرون إلى اهتمام الله بالجانب الروحيّ فقط. الجانب الروحيّ له أهمّية هائلة في الحاضر والمُستقبل، ولكن الأشخاص المُحطّمون ربّما لا يعرفون هذا. ربّما هُم مثل “جوان”، ذلك الشاب الصغير الذي قابل رودي في حيّ فقير في ليما، بيرو. والذي مزّق النّبذة التي قدّمها له رودي وابتلعها -ليوضّح له نقطة. كان يقول له: “أنا غير مُهتمّ بهذا الخبر السّار الذي يتعلّق بالجانب الروحيّ الذي يتعلّق بالمُستقبل. أنا جائع الآن! هل يهتمّ إلهُك بي كإنسانٍ جائعٍ، وهل يهتمّ إلهُك بي كإنسانٍ

عاطلٍ عن العمل الآن؟”

كنائسنا تحتاج أن تُنظّف نوافذها! يحتاج الأشخاص المُحطّمون أن ينظروا من خلال جميع أجزاء النافذة. الله يُريد جوان، وكلّ إخوته وأخواته المُحطّمين، أن ينظروا من خلال نافذة الكنيسة ويبصروا مقاصد الله الصالحة في جميع الأبعاد الخاصة باهتمام الله في البُعد الجسديّ والروحيّ والاجتماعيّ والحكمة

كان هناك استطلاع رأي في شوارع وسط المدينة في الولايات المُتحدة. حيث سأل الكثير من الناس: “إذا كنت تواجهه أزمة كبرى في حياتك، إلى أين ستّتجه بحثًا عن المُساعدة؟” لا أحد أشار إلى الكنيسة! النّاس لا تعرف الكنيسة التي كان يقصد يسوع المسيح تكوينها. إذا أغلقت كنيستك غدًا، هل سيهتمّ مُجتمعك بذلك؟ هل سيُلاحظون هذا من الأساس؟

مُنذ عدّة سنوات، كان “بوب” يُعلّم قادة الكنيسة في جزيرة ذات أغلبيه للمسلمين في مينداناو في الفلبين. فقد كان التوتّر القائم بين المُسلمين وغير المُسلمين في حالة عالية جدًا. في أخر يوم في المؤتمر، حضر عشر أشخاص يتردون الملابس الإسلاميّة في المؤتمر. ساد وقتها الصمت على رؤوس المُستمعين. أكتشف مُنظّمو المؤتمر أنّ هؤلاء الأشخاص كانوا قد أصبحوا مسيحيّين من وقت قريب، وقد تأخّروا أربعة أيام لمجيئهم عند نقطة تفتيش عسكريّة في طريقهم إلى المؤتمر. حكي هؤلاء الأشخاص قصّتهم. لعدّة سنوات، كان يأتي مسيحيّون إلى قريتهم، ويكرزون ويوزّعون عليهم النُّبذ. رفض أهل القرية هذه الرسالة. مؤخّرًا أتى مجموعة من الأشخاص إلى قريتهم، أتوا لكي يُسدّدوا احتياجاتهم بمحبّة. وفي أخر الوقت أدرك سكان القرية أنّ هؤلاء الأشخاص الودودين كانوا مسيحيّين. تأثير هذه الخدمة كان قويًّا جدًا، حيث تحوّل أهل القرية إلى المسيحيّة. كانت كلمات أخر مُتكلّم منهم -فتاة مُراهقة- مليئة بالحكمة بالنسبة لنا. لقد ذهب المسيحيّن إلى قريتها لكي يكرزوا بالطُرق التقليديّة لسنوات عديدة، ولكن عندما أتى الإنجيل مُغلّفًا بالمحبّة والأعمال الحسنة فقد حصد الحصاد. ختمت كلامها بسؤال لا يُمكن أن ينسي: “ما الذي أخّرك كلّ هذا الوقت؟”

صورة الكنيسة

ما الذي يأخّرنا كلّ هذا الوقت؟ إنّها خطيّتنا وعدم طاعتنا. خطّة الله لكنيسته هي خطّة عظيمة! هناك الكثير من الاستعارات التي استخدمها بولس ويسوع وبُطرس لكي يصفوا الكنيسة. (الاستعارات هي كلمات مُصورة.)

الكنيسة هي كاهن. إسرائيل كانت كاهن لكلّ الأمم، والكنيسة اليوم هي تُحقّق مقصد الله الذي في العهد القديم. كلّنا يجب أن نكون كهنة للنّاس من حولنا خارج الكنيسة. فعندما ينظرون إلينا، يجب أن يروننا نُطيع إرادة الله، ولذلك نُقدّم لهم الله كما هو

الكنيسة هي ملح ونور. غالبنا عندما نسأل مجموعة من النّاس: “هل تُحبّ الملح؟” في الأغلب يقول الجميع أنّهم يحبّونه! بعدها نقول: “أريدك أن تجرّب شيئًا، عندما تأكُل في أقرب وقت، ضع في فمك ملعقة كبيرة من الملح وتناوله.” يظهر بعدها على وجوههم تعبير الاندهاش! “هل لا تُحبّ هذا؟ أعتقد أنّك قُلت إنك تُحبّ الملح! أه، أنت تُحبّ الملح، ولكن لا تُحبّه بشكل مُركّز! أنت تُريده أن يكون مُنتشرًّا في الوجبة”. كنائسنا تُشبه الملعقة المُمتلئة بالملح -الملح مُركّز/مُكثّف فيها. لقد قال الله: “أخرجوا من الملعقة! أذهبوا إلى المُجتمع. أنشروا أنفسكم خارج الملعقة/الكنيسة”

الكنيسة هي سفارة لملكوت الله. أرسل يسوع تلاميذه كسُفراء، لذلك كنائسنا هي سفارات. السفارات، كما تعرفون، تُظهر توجّه الحكومة التي تتبعها. فيجب أن نُظهر توجّه الملكوت التي ننتمي إليه

الكنيسة هي رسالة. كتب بولس أنّنا الرسالة المفتوحة، التي تُقرأ من قِبل الجميع. في بعض الأوقات يكون من الصعب للنّاس أن تقرأ رسالة الله عندما ينظرون إلى حياتنا. نحتاج أن نكون رسالة واضحة، والتي تشرح خبر الله السّار في هذا الوقت الحاضر

الكنيسة هي خادم مُطيع وجار جيّد والمُتذوق الأوّل لشيءٍ لذيذ. كان “بوب” يمتلك شجرة جريب فروت في حديقته. في أوائل فصل الخريف، يبدأ الجريب فروت في النُضج ويبدأ بوب في البحث عن أوّل ثمرة جريب فروت ناضجة وجاهزة للأكل. وعندما يجدها يقطفها ويُقشّرها. فهو لا يُمكنه الانتظار ليأخُذ أول قضمة. إنّها شهية! ومن بعدها يستطيع بوب أن يعرف طعم باقي ثمر الشجرة عندما ينضُج. فهذه هي أوّل ثمرة. ولكن في بعض الوقت نكون نحن ثمار غير ناضجة. عندما يقضمنا/ يتذوّقنا العالم، سيكون الطعم مُرًّا. وعندها سوف يلفظوننا من فمهم. ولكن الله يُريدنا أن نكون ثمارًا شهيّة – الطعم الأوّل لملكوته

هناك العديد من الصور التي لم نُغطّيها في هذا المقال. الكنيسة هي جسد المسيح، يجب أن تحمل الكنيسة -كجسد- كلّ مقاصد الرأس -يسوع المسيح- وكلّ عضو له دور فريد في هذا الجسد. والكنيسة هي أيضًا عروس المسيح. فقد أحبّ المسيح الكنيسة للمُنتهى. العلاقة القريبة بين المسيح وعروسة تمنح الكنيسة دافعًا كبيرًا لكي تصنع إرادته. الكنيسة أيضًا هي المسؤول الأساسيّ في خطّة الله لشفاء العالم المكسور. فالكنيسة هي الموصل والمُساعد لهذه الأجندة، وهي التي تُجهّز الأعضاء الذين ينتمون إليها في الذّهاب لكلّ ركن في المُجتمع ليفعل إرادة الله

من المُهمّ جدًا أن نُطبّق ما نتعلّمه! غالبًا ما نطلب من النّاس أن يرسموا نافذة، ونطلب منم أن يرسموا على كلّ جزء من الأربع أجزاء ما كان ينمو فيه يسوع. ونُخبرهم أن يسردوا نشاطين في كلّ بُعد من الأبعاد الأربعة، والتي لا تُظهرها كنائسهم عن مقاصد الله في مُجتمعاتهم، وأن يُناقشوا هذه الأفكار مع قادة كنائسهم. وكما قرأت هذا، يُمكنك أن تفعل أنت هذا أيضًا

هناك نسمة هواء جديدة تهُبّ بين الكنائس اليوم، وهي التعليم الذي يُخبرنا أن تكون الكنائس سفارات لمقاصد الله الكاملة. هذه النسمة لها سمة الرّوح. إنّ هذا يخلق شوقًّا لإظهار أجندة الله الكاملة في هذا العالم المُحطّم. هناك أشخاص وكنائس يبحرون بناءً على هذه النسمة. صلاتنا أن يستخدم الله هذه النّسمة ويُحوّلها لريحٍ قويّة. يجب على شعب الكنيسة أن يكون شاهدًا واضحًا ومُقنعًا لمحبّة المسيح للأشخاص المُحطّمين جسديًّا وروحيًّا واجتماعيًّا والذين سيقولون عندما ينظرون من خلال هذه النافذة “يا له من إلهٍ مُحبٍّ وعظيمٍ الذي يعبده هؤلاء الأشخاص”

اترك تعليقاً

هل اعجبك هذا الموضوع؟

اشترك في مدونة اتحاد تلمذة الأمم وتوصل بالتحديثات مباشرة على البريد الالكتروني الخاص بك

نقترح عليك ايضا

المنظور العالمي

لماذا الثروة أفضل من الغِنَى

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخراً مقالاً بقلم ألان ميلتزر (دولة الرفاهية أم أمة الشركات الناشئة) أثار فيه قضية أعمق من مراجعة قانون الضرائب وغير

...المزيد
المنظور العالمي

من هو المُنشِد؟

قد تتساءل: “من هو المُنشِد؟” للإجابة على هذا السؤال، إليك مقتطف من الفصل الثالث من كتاب دارو ميلر الذي صدر حديثًا بعنوان دعوة للمُنشِدين: السعي

...المزيد