شارك هذا المنشور

المرأة تختلف عن الرجل. هذه الحقيقة، الواضحة لأي طفل، يتم الطعن فيها في الغرب اليوم، وهي تُعتبر تحديًا لا سبب ولا منطق ولا أُسس علميةٍ له، ولكنها ثمرة نظرة ما للعالم. ولن يتم انكارها بنجاحٍ إلّا على مستوى نظرةٍ عالمية. وهذا ما سأقدّمه، أي نظرة العالم من خلال الكتاب المُقدّس. ابقوا معي

لنبدأ بملاحظةٍ تأسيسيّةٍ من جوناثان إدواردز، وهو راعي الحقبة الاستعمارية، والرئيس الثالث لبرينستون، والذي يُعتبر عالم اللّاهوت الأمريكي الأوّل. يصوِّر لاهوت إدواردز في الخلق أن للمرأة مكانةً ملحوظةً من أجل تحقيق الخلق ذاته. ماذا كان يُفكّر الله عندما خلق العالم؟

يبدو أنّ خلق العالم كان خاصًا لهذه الغاية، أنّ ابن الله الأبدي قد يحصُل على زوجة، والتي قد يُمارس تجاهها بشكلٍ كاملٍ الإحسان اللامتناهي من طبيعته، ولمن يُمكنه، كما كان، أن يفتح ويصب كلّ هذه الينابيع الهائلة من التنازُل والمحبّة والنعمة التي كانت في قلبه، وبهذه الطريقة يُمكن تمجيد الله

خلق الله العالم ليُعطي زوجةً لابنه! (يمكنك أن تستنتج أنّ المرأة التي أعطاها الله لآدم هي نوع من العروس التي يُخطّطها لابنه… لكن هذه مقالة أُخرى.) إليك حقيقة تتعلّق بهذا الموضوع من قبل القسّ جون بايبر: “كل الأشياء موجودة لإظهار شيء ما عن كمال الله اللامتناهي.”

ما هي الصورة البشريّة؟ 

عند إبداء هذه الملاحظات، يعتمد إدواردز وبايبر على مقاطع تُشير إلى الصِلة بين الخلق ووحي الله عن شخصيته، مقاطع مثل هذه

“اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا. لاَ قَوْلَ وَلاَ كَلاَمَ. لاَ يُسْمَعُ صَوْتُهُمْ. فِي كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ، وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ…” (مزمور 19: 1 – 4)

“إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ.” (رسالة رومية 1: 19 – 20).

كاتب المزمور أعلن أن مجد الله نراه في السماء. والرسول بولس أكّد أنّ الله جعل نفسه معروفًا للبشر. أصبح غير المرئي مرئيًا في الخلق. هذا يطرح سؤالًا: ما هي “الْمَصْنُوعَاتِ” التي تسمح لنا بإدراك صفات الله غير المرئية بوضوح؟ الكثير من الأشياء التي يُمكن عدّها هنا، ولكن بالتأكيد -وخاصة- البشر. إذا وضع الله في السماء ما ينقل شيئًا عن طبيعته، فقد فعل ذلك أكثر بكثيرٍ عندما صنع الإنسان

“وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.” (تكوين 1: 26 – 27)

لماذا المرأة؟ 

عندما خلق الله المرأة جعل النساء والرجال مُختلفين، وخلقهم «ذَكَرًا وَأُنْثَى». في سفر التكوين 2، يوضّح الكاتب هذا التمييز

لذلك أوقع الربّ الإله نومًا عميقًا على الرجل، وبينما كان نائمًا أخذ أحد ضلوعه، وأغلق مكانه باللحم. والضِلع الذي أخذه الربّ من الرجل صنع منه امرأةً، وأحضرها إلى الرجل. ثم قال الرجل،

«هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي

 وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي

هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً

لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ»

لذا، للعودة إلى اقتباس بايبر أعلاه، إليك استقراء معقول: خلق الله المرأة لتُظهِر شيئًا من كماله اللامتناهي. هذه الجُملة البسيطة المكوّنة من عشر كلمات لها آثار عميقة. 

“المتحوّلون جنسيًا” ليس هذا هو الطبيعي

 في الغرب نشهد محاولات لإعادة تعريف أو إلغاء معنى الجنسانيّة البشري تمامًا. مثل هذه التشوّهات لموهبة الله الصالحة مدفوعة بما بعد الحداثة، المتجذّرة في الداروينية، التي تُصرّ على أنّ الكون جاء بنشاطٍ كيميائيٍّ لا معنى له. هذه الفرضية تستبعد التصميم أو النيّة أو الغرض. لقد تركنا لخيالنا حول معنى الذكر والأنثى. وكما كتَب بولس في (رسالة رومية 1 :18)، فإنّ خيال الإنسان يركض بشكلٍ مُتفشٍّ نحو الوثنية

على الرغم من أكاذيب ما بعد الحداثة، فإنّ الذكور والإناث مختلفون بطُرقٍ واضحةٍ لأي شخصٍ موضوعي. ومع ذلك، حاول البعض في العقود الأخيرة إنكار حقيقة الذكور والإناث. كما قال أوين ستراشان مؤخّرًا، “لا يُمكننا حتى التشجيع اليوم لرياضات الرجال والرياضات النسائية: كرة القدم للسيدات تُقدّم رجلًا لنفسه على أنه امرأة، كما يفعل رفع الأثقال للسيدات. في عام 2021، لم تكُن “النساء” نُشاهدها في حالات مختلفة، حتّى النساء”

مرّة أخرى، المسألة هنا هي مسألة نظرة للعالم. يجب أن يعتبر الإلحاد هذه الاختلافات عرضية (نتيجة الصُدفة)، عرضية (مجرّد علم وظائف الأعضاء)، وسطحية (دون أي إشارة إلى التعالي). ولكن لأنّ المُصمّم موجود في الصورة، فإنّ الاختلافات في الواقع مُتسامية. ناهيك عن البهجة/اللذة.

دعونا لا ننخدع في تطبيع ارتباك المتحوّلين جنسيًّا. دعونا لا نستسلم لكذبةٍ تُمثّل تمرُّدًا على الله. دعونا نُدرك ونُكرِم ما فعله الله عندما كوَّن المرأة

اترك تعليقاً

هل اعجبك هذا الموضوع؟

اشترك في مدونة اتحاد تلمذة الأمم وتوصل بالتحديثات مباشرة على البريد الالكتروني الخاص بك

نقترح عليك ايضا

المنظور العالمي

لماذا الثروة أفضل من الغِنَى

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخراً مقالاً بقلم ألان ميلتزر (دولة الرفاهية أم أمة الشركات الناشئة) أثار فيه قضية أعمق من مراجعة قانون الضرائب وغير

...المزيد
المنظور العالمي

من هو المُنشِد؟

قد تتساءل: “من هو المُنشِد؟” للإجابة على هذا السؤال، إليك مقتطف من الفصل الثالث من كتاب دارو ميلر الذي صدر حديثًا بعنوان دعوة للمُنشِدين: السعي

...المزيد